
قد يتأخر حدوث الحمل لبعض الوقت، ما يفتح الباب على مصراعيه أمام هواجس الخوف من العقم وعدم الإنجاب تماماً، إلا أن تلك الهواجس لا أساس لها من الصحة، فقد تطورت تقنيات وأساليب الطب الحديث، بحيث تجد حل لكافة مشاكل الإنجاب دون مبالغة، ولعل التلقيح الصناعي قد جاء في مقدمة هذه التقنيات، بحيث يساعد في توصيل الحيوانات المنوية إلى البويضات بسرعة وسهولة، لتتم عملية التخصيب وتبدأ رحلة الحمل المنتظرة.
ما هو التلقيح الصناعي؟
هي أحد أشهر عمليات التخصيب المساعد البسيطة للغاية، حيث يحتاج حدوث الحمل إلى وصول عدد من الحيوانات المنوية القادرة على الاخصاب إلى البويضة داخل الرحم، وفي بعض حالات تأخر الإنجاب الغير مبرر أو الناتجة عن صعوبة وصول حيوان منوي سليم إلى البويضة، يقوم الأطباء باختيار أفضل الحيوانات المنوية ومساعدتها على اجتياز رحلتها إلى البويضة، في أسرع وقت ممكن وبأقل جهد، عن طريق أخذ عينة من السائل المنوي للزوج وغسلها من البروتينات والسوائل المحيطة بها، ثم فرزها لاختيار أكبر عدد ممكن خالي من التشوهات، جيد الحركة يستطيع إحداث إخصاب، وحقنها عبر قسطرة إلى داخل المهبل ومنه إلى عمق الرحم.
جدير بالذكر أن هذه العملية تشبه إلى حد كبير الإخصاب الطبيعي، وتختلف كثير عن التلقيح المخبري والحقن المجهري، والذي يتم التخصيب فيه خارج الرحم بتدخل بشري، ثم يتم غرس الأجنة داخل الرحم مرة أخرى.
متى يكون اللجوء إلى عملية التلقيح الصناعي، حل جيد لعلاج تأخر الانجاب؟
إن عملية التلقيح الصناعي داخل الرحم غير مؤلمة بالمرة، ولا تنطوي على أي مخاطر بل إنها ذات فاعلية اكيدة، ذلك أن القدرة على الإنجاب تتوقف على مجموعة مختلطة من العوامل لدى الزوجين، والتي يمكن التغلب على عدد كبير منها، بواسطة التلقيح الصناعي على النحو التالي.
الانتباذ البطاني الرحمي
يعد التلقيح داخل الرحم الخيار الأول لعلاج العقم الناتج عن بطانة الرحم المهاجرة، خلال مراحلها الأولية، حيث يضمن عدم حدوث حمل خارج الرحم، وسير الحيوانات المنوية في إتجاهها الصحيح نحو البويضة.
أمراض الذكورة
يعاني نسبة كبيرة من الرجال مشاكل متعددة في المني، تقف كعائق منيع نحو إتمام الحمل، أشهرها لزوجة السائل المنوي، قلة عدد الحيوانات المنوية، ارتفاع نسبة التشوهات، فضلاً عن ضعف الحركة، كل ذلك يقلل من فرص وصول حيوان منوي سليم قادر على الاخصاب إلى البويضة الناضجة.
مشاكل تأخر الإنجاب المتعلقة بعنق الرحم
بعض السيدات يمتلكن عنق رحم ذو مواصفات خاصة، من سماكة الفتحة أو غلاظة المخاط الموجود به، والذي يعيق وصول معظم الحيوانات المنوية إلى داخل الرحم، ومنه إلى قناة فالوب لإحداث التخصيب.
حساسية المني
نسبة ضئيلة من النساء يعانين من حساسية تجاه البروتينات الموجودة بالسائل المنوي، وبالتالي توجد لديهن تهيجات واحمرار بالمناطق التي تلامس المني، ما يعيق حدوث الحمل، إلا أن غسل وتخليص الحيوانات المنوية من هذه المواد قبل إدخالها للرحم، أحد أهم خطوات عملية التلقيح الصناعي.
حالات العقم الغير مبرر
قد يتأخر حدوث الحمل وعند الخضوع للفحص الطبي من قبل الزوجين، لا يجد الأطباء أي معوقات معروفة للإنجاب، وهنا يكون التلقيح داخل الرحم أحد أبرز بروتوكولات العلاج الآمنة والفعالة بنسبة كبيرة.
خطوات التلقيح الصناعي
إذا كنت تود التعرف على طريقة إتمام العملية، وما يمر به كلا من الزوج والزوجة من البداية وصولاً إلى إجراء إختبار الحمل، فإن الاستعداد للعملية يبدأ منذ اليوم الثاني أو الثالث لنزول الدورة الشهرية، على النحو التالي.
- تخضع الزوجة إلى تناول بعض منشطات التبويض سواء فموية أو إبر تحت الجلد، والتي تحث المبيض على إنتاج أكثر من بويضة ناضجة، ذات كفاءة عالية وجاهزة للتخصيب.
- بعد ذلك يتابع الطبيب حجم جريبات البويضات بواسطة الموجات فوق الصوتية المهبلية، من حين لآخر وفي فترة تتراوح بين أسبوع إلى ثلاثة، حتى تصل إلى حجم ما بين ال 18 إلى 20 ملم.
- الآن يتم حقن الزوجة بإبرة موجهة للغدد التناسلية المشيمائية، لجعل المبيض يفصح عن بويضة أو أكثر داخل أنبوب فالوب.
- بعد مرور 36 ساعة بالضبط لابد وأن تكون الحيوانات المنوية للزوج جاهزة، فعامل الوقت في هذه الخطوة مهم للغاية.
- تجهز عينة المني المستخلصة من الزوج داخل معامل الذكورة، بحيث يتم غسلها من البروتينات والسوائل المصاحبة للحيوانات المنوية، والتي تعيق إتمام الاخصاب.
- ثم يتم فرزها وأخذ عينة مركزة منها، بحيث تكون خالية من التشوهات، جيدة الحركة والقوة.
- تجهز الزوجة بغرفة العمليات دون تخدير، بحيث يتم إدخال قسطرة من فتحة المهبل، ثم تدفع عينة المني عبرها إلى داخل الرحم.
- تستقر السيدة في وضعها على ظهرها دون حراك، لمدة ساعة كحد أدنى، ثم تخرج من المستشفى دون الحاجة إلى مبيت.
- يفضل أن يمتنع الزوجين عن الجماع قبل العملية بفترة لا تقل عن 5 أيام.
- تحرص الزوجة على الراحة قدر المستطاع، ولكن بشكل لا يعيق أداء المهام اليومية الخفيفة.
- لا داعي للعجلة في إجراء فحص الحمل، فالنتائج الصحيحة لا تظهر إلا بعد مرور أسبوعين.
هل التلقيح الصناعي ناجح؟
إن احتمالية حدوث حمل عن طريق التلقيح الصناعي، تقارب تلك الناتجة عن التلقيح الطبيعي أو تزيد عنها بنسبة من 10 إلى 20%، حيث إن نجاح العملية من عدمه يتوقف على عدة أمور منها، عمر الزوجة ومخزون المبيض لديها ومعدل التبويض، فالسيدات اللواتي يعانين من ضعف المخزون أو ذوات سن كبير، تكون هذه التقنية غير مجدية معهم، كذلك اللواتي يعانين من مراحل متقدمة في الانتباذ الرحمي أو انسداد قناة فالوب بشكل كامل، أما بالنسبة للرجال فإن التلقيح الصناعي ناجح في حال كانت عوائق الإنجاب لديهم ذات درجة بسيطة أو متوسطة، خلاف ذلك يكون الحقن المجهري هو الخيار الأفضل.
مخاطر التلقيح الصناعي
صحيح أن التلقيح الداخلي ذو درجة أمان عالية، بحيث لا يحتاج إلى تخدير ولا تتجاوز مدته ال 15 دقيقة، إلا إنه قد ينطوي على بعض المخاطر، التي تتعلق إلى حد كبير بجودة المركز الطبي الذي تتم العملية به، لذا فإن مستشفى بداية لعلاج العقم وأمراض الذكورة والتلقيح الصناعي، هي ملجأك الأمن الذي يضمن إتمام التلقيح دون أي مخاطر، بفضل ما تتضمنه من كوادر طبيه مدربة وأدوات طبية حديثة معقمة، ذلك أن المكان غير المجهز قد يتسبب في المخاطر التالية:
- قد تتسبب الأدوية المحفزة للتبويض، بهذا الإجراء الطبي في ارتفاع احتمالية الحمل بأكثر من طفل، سواء كان توأمان أو أكثر، ما يعد خطر لدى فئة معينة من النساء.
- التبقيع الناتج عن نزول قطرات بسيطة من الدماء، بسبب دخول القسطرة بالرحم مع استخدام قدر من القوى، ولكنه سرعان ما يزول.
- قد تُصاب الزوجة الخاضعة للعملية بالعدوى، نتيجة استخدام أدوات غير معقمة بالقدر الكافي، او ان المركز الطبي لا يستخدم نظام مكافحه للعدوى فعال
ختامًا فإن التلقيح الصناعي ما هو إلا سبيل من سبل الإنجاب المعتمدة طبيًا، إلا أن الأطفال هبه ربانية يمنحها الله عز وجل لمن يشاء وقت ما يشاء، فلا تيأس وتحلى بالصبر وروح الثقة في رحمة المنان.
التعليقات